غالبية الأميركيين يقبلون التغير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان كحقيقة. وتشير الدراسات الاستقصائية الوطنية إلى أن 70% من سكان البلاد يفكرون بهذه الطريقة. غير أن ثلاثة فقط من كل عشرة أميركيين يتحدثون فعلياً عن التغير المناخي.
ويقول المراقبون إن «الصمت المناخي» يعرقل قدرتنا على اتخاذ الخطوات اللازمة للإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري تحت السيطرة، في الوقت الذي تصبح فيه نداءات العلماء ملحة بشكل متزايد. ويوصي أحدث تقرير عن الفجوة في الانبعاثات، والصادر عن الأمم المتحدة، باتخاذ خطوات عالمية صارمة: مثل خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 7.6% كل عام خلال العقد المقبل. ويقول خبراء المناخ إن هذا التحدي العالمي يتطلب تفكيراً خلاقاً وتعاوناً من أكبر عدد ممكن من الناس. وفي جميع أنحاء البلاد، يجد الأكاديميون والمدافعون عن المناخ وقادة المجتمع طرقاً للاستمرار في التحدث حول هذا الشأن من خلال تسخير الأمل والثقة والقيم المشتركة. ويقول «إد مايباخ»، مدير مركز اتصالات التغير المناخي بجامعة جورج ماسون، إن التآمر لإقناع الأصدقاء والعائلة المتشككين بشأن تغير المناخ، ليس هو الموقف الصحيح. ويضيف: «لا أحاول تغيير رأيهم»، لكنه بدلا من ذلك يشارك مخاوفه بشأن ما الذي يعنيه التغير المناخي بالنسبة للمجتمعات البشرية ولكوكب الأرض. ويقول: «إن إحدى الطرق للتعامل مع محادثاتنا حول المناخ هي ببساطة مشاركة ما نعرفه وما نشعر به ولماذا نهتم به».
ومن جانبها، تقول «تينا جونسون»، مديرة السياسة السابقة في شبكة العمل المناخي الأميركية، إن الميل إلى التأثير على العقول من خلال هذه المناقشات، يمكن أن يجعل الناس يتخذون موقفاً دفاعياً أو الانفصال عن الأمر. وتضيف: «يجب أن تكون المحادثة ثنائية الاتجاه. فإذا لم نتمكن من سماع بعضنا البعض، فلن نثق في بعضنا البعض بما يكفي لتصديق ما يقوله الآخرون». وتتمثل إحدى الطرق لبناء الثقة في استكشاف القيم المشتركة.
لقد اكتسب التغير المناخي زخماً في البداية مع دعاة حماية البيئة، إذ تم تأطيره كتحدي بيئي. ويقول دكتور مايباخ إن إعادة صياغة المناقشة من حيث صحة الإنسان ورفاهه، يمكن أن تفتح الباب أمام الأشخاص الذين لا يهتمون بطبيعتهم بمحنة «النباتات والبطاريق والدببة القطبية».
وتدرج «كارين كيرك»، عالمة جيولوجيا، قيمةً أخرى للمحادثات المناخية، ألا وهي الحس الوطني، وتقول: «هناك العديد من العوامل المشتركة للحديث عن الابتكار الأميركي، وأعتقد أنها نقطة يجب أن نفتخر بها». وتستشهد بنظام «البطارية المائية» الجديد لتخزين الطاقة، والذي صُمم خصيصاً لمنزلها في ولاية مونتانا.
كما يقدّر التحالف الأميركي المحافظ للحفاظ على البيئة قيمة الابتكار، ويفضل الحلول القائمة على السوق بالنسبة للبيئة والتغير المناخي. وفي حين أن الديمقراطيين هم الأكثر شهرةً فيما يتعلق بدعم العمل في مجال التغير المناخي، تسعى المنظمة إلى إشراك المحافظين من الشباب، وهي مجموعة تدعم العمل المناخي بشكل متزايد. وقد وجد مركز أبحاث «بيو» أن المحافظين الشباب أكثر عرضة من أعضاء الحزب الجمهوري الأكبر سناً للقول بأن الحكومة لا تبذل جهوداً كافية لحماية المناخ، وذلك بنسبة 52% من جيل الألفية أو الأصغر سناً مقابل 31% من مواليد الخمسينيات والأكبر سناً.
ويعمل «كويل روبنسون»، مدير الشؤون الحكومية في التحالف الأميركي للحفاظ على البيئة، على كشف القيم التي يصعب الاختلاف معها، ويقول: «يمكن للجميع أن يتفقوا على أنهم يريدون هواءً نظيفاً ومياهاً نظيفة»، ويضيف أن «بعض أكبر حلفائنا في الكونجرس من الأعضاء الشباب الذين يمثلون المناطق الساحلية، والذين يشعرون بتأثير التغير المناخي». ويقول روبنسون، وهو نفسه من جيل الألفية، «في أوساط الشباب يدور الحديث بشكل متزايد عما يجب القيام به تجاه التغير المناخي. لقد نشأنا في ظل العلم».
لذا ليس من الدقيق القول بأن الرأي العام ينقسم حول التغير المناخي بين «مصدقين» و«منكرين». فمثل هذه التوصيفات العنيفة يمكن أن تكون مثيرة للانقسام عن طريق إجبار الناس على الانضمام إلى تصنيف مصطنع. وبدلا من ذلك، قام الباحثون من جامعتي ييل وجورج ماسون بتقسيم مجموعة من وجهات النظر الأميركية حول دور البشرية في التغير المناخي إلى «ستة أميركات»، تتراوح بين الرفض بنسبة 9% والانزعاج بنسبة 29% (وهو أعلى مستوى على الإطلاق). وكانت أعلى حصة بين الجمهور 3 من كل 10، هي شعور بالقلق. فهم يرون التغير المناخي باعتباره تهديداً خطيراً، ولكنه بعيد، ومن غير المرجح أن يؤثر عليهم.
قد يكون تعزيز الحوار البنّاء عبر هذه الرؤى صعباً إذا كان الطرفان لا يتقاسمان بالفعل شعوراً راسخاً بالثقة. ولهذا السبب فإن الناس الذين يناقشون الاحتباس الحراري مع الأصدقاء والعائلة –أي مصادر موثوقة– هم أكثر عرضة لتعلم الحقائق الرئيسية، مثل الإجماع العلمي على تغير المناخ، وفقاً لبحث الدكتور مايباخ.
*كاتبة أميركية
*ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»